وظلمة لم تدع فتقاً ولا خللا
كانت رياح وماءٌ ذو عرانية
وعزل الماء عما كان قد سفلا
فأمر الظلمة السوداء فانكشفت
تحت السماء سواء مثل ما فعلا
وبسط الأرض بسطاً ثمّ قدّرها
بين النهار وبين الليل قد فصلا
وجعل الشمس مصراً لا خفاء به
وكان أخرها أن صوّر الرجلا
قضى لستة أيام خليقته
بنفحة الروح في الجسم الذي جبلا
وعاه آدم صوتاً فاستجاب له
ثم استمر الشاعر يتحدث عن خلق حواء وإسكانها مع زوجها الجنة، ونهيهما عن أكل الشجرة، إلى أن أخذ يتحدث عن العقاب الذي أنزل بالحية جزاء ما أغوت آدم وزوجه، فيقولن:
طول الليالي ولم يجعل لها أجلا
فلاطها الله إذ أغوت خليفته.
والترب تأكله حزناً وأن سهلا [١٥]
تمشي على بطنها في الدهر ما عمرت
وينظم عدي قصة الزّباء وجذيمة وقصير، تلك القصة التاريخية المشهورة: [١٦]
ألم تسمع بخطب الأولينا
ألا يا أيها المثرى المرجّى
جذيمةُ حين ينجوهم ثبينا
دعا بالبقة الأمراء يوماً.
وكان يقول- لو تبع- اليقينا
فطاوع أمرهم وعصى قصيراً
ليملك بضعها ولأن تدينا
ودست في صحيفته إليه
ويبدي للفتى الحَين المبينا
فأردته ورغب النفس يرد
ولم أرمثل فارسها هجينا
وخبّرت العصا الأنباء عنه
وألفى قولها كذباً ومنينا
وقدمت الأديم لراهشيه.
وهن المنديات لمن منينا
ومن خدر الملاوم والمخازي
ليجدعه، وكان به ضنينا
أَطفّ لأنفه الموسي قصير
طلاب الوتر مجدوعاً مشينا
فأهواه لمارنه فأضحى
غوائله وما أمنت أمينا [١٧]
وصادفت امرءاً لم تخش منه
وهكذا تسير القصيدة في تصوير الحادثة وقصها ... الخ.