(٣) أما القسم الثالث من الشعر التعليمي، وهو الذي يتناول العقائد والأخلاق, فهو في الشعر الجاهلي أكثر من أن يحصى عدداً، خصوصاً عند هؤلاء الشعراء من أمثال أمية بن أبي الصلت وعدي، وزهير ... فإذا جئنا إلى العصر الأموي، وجدنا هذا الضرب من الشعر قد تمثل بوضوح في عدة موضوعات، أولها: أنه نظمت به الكيمياء- أو الصنعة كما كانوا يسمونها..-ِ فلقد روى المسعودي أن حكيم آل مروان- خالد بن يزيد بن معاوية الذي اشتهر باهتمامه بالكيمياء قد وضع منظومة في هذه الصناعة، ذكر فيها طريقة تحويل المعدن الخسيس إلى جوهر نفيس، يقول فيها:
وما يوجد في الطرق
خذ الطّلْق مع الأشْقِ
فدبِّره بلا حرق
وشيئاً يشبه البرقا
فقد سوِّدت في الخلق [١٩]
فإن أحببت مولاكا
كما استخدم هذا الشعر في تعليم غريب اللغة كما قدمنا في صدر هذا الحديث عند الكلام عن الأرجوزة الأموية، التي أسهمت في إبراز صورة الشعر التعليمي العباسي، وفي المقامة في جانب النثر فيما بعد.. ولقد وقعت محاولة لاستخدام هذا اللون في شرح فروع الدين - في رأي عبد الملك بن مروان - من أحد شعراء العصر، فوقف عبد الملك في سبيلهِ..وذلك فيما يروى من أن الشاعر الأموي (الراعي النميري) قد أنشد عبد الملك بن مروان قصيدته التي يشكو فيها السعادة وهم يأخذون الزكاة، حتى إذا بلغ قوله:
حنفاء نسجد بكرة وأصيلا
أخليفة الرحمن إنّا معشر
حق الزكاة منزلا تنزيلا
عرب نرى لله في أموالنا
قال عبد الملك: ليس هذا شعراً، هذا شرح إسلام وقراءة آية [٢٠] ! ...