وتزكيهم وتردهم إلى ساحة النور، حتى يتولوا إصلاح ما أفسدوه من فطرة الجيل، الذي طالما أحسن بهم الظن، فدفعوه إلى حافة الهاوية الموصلة إلى ذلة الدنيا والآخرة..
ونعود إلى زاوية الأستاذ أحمد بهاء الدين لنحاوره في بعض أفكاره، التي فقدت طرافتها لكثرة الاستعمال حتى الابتذال.
لقد برع هذا الكاتب حقا في تمرير مقلبه إلى القارئ البسيط بما قدم له وما خالط كلامه من معسول الألفاظ، التي يريد بها إقناعه بأنه على غاية من الاحترام لكتاب الله، ولصحابة رسول الله، الذين لا يضن على (بعضهم) بالترضي عنه، ومن ثَم يعرض ما يريده من تشكيك لذلك القارئ البسيط في صلاحية القرآن لإقامة الحكم الصالح في بلاده..
فالقرآن باعترافه نزل لكل زمان ومكان، وتحكيمه في حياة الناس أمنية مفضلة لديه، تستحق أن يعبر عنها بـ (ياليت) إلا أنه مع ذلك لا يرى سبيلا لتحقيق هذه الأمنية في واقع الناس، لسبب واحد هو فقدان العالِم الثقة الذي يصلح لتفسير أحكامه على الوجه الصحيح ولعله يريد بالصحيح الذي يرضي مدرسته-.
ثم يمضي الكاتب في سرد الأدلة المؤكدة لما يذهب إليه من هذا الرأي، وفي رأسها الخلاف الذي نشب بين كبار الصحابة إثر وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما أفرزه من مذاهب (سنة, وشيعة, وأموية [١] , وخوارج, ومعتزلة, إلى آخره) إلى أن يقول بأن هذا الخلاف هو الذي دعا أمير المؤمنين عليا- رضي الله عنه- إلى القول:"بأن القرآن حمال أوجه"ويفسر الكاتب هذه العبارة بقوله: "أي يمكن تفسيره ألف تفسير ... "
ثم يعقب على ذلك بسرد أسماء كبار المصلحين الإسلاميين من المتأخرين، ليرينا أنهم جميعا قد عجزوا عن حل الخلاف.. ومن هنا يأخذ بالالتفاف حول الجماعات الإسلامية الذين يحملون راية الدعوة إلى تحكيم الشريعة، فيتهمها بالتآمر في ليل لغرض تفسير للقرآن لا تملكه..