أما الرجل فقد أعفى مما أعدت له المرأة، وأعفي تبعا لذلك من موجبات السقم والألم، فكان عليه أن يقوم بالعمل الخارجي ويسعى في جلب قوته وقوت عياله؛ فهو لا يقدر على حمل الجنين في بطنه وولادته وحضانته وإرضاعه وخدمته، والحنان عليه كما تحضنه الأم وتشفق عليه، وذلك هو حكم الفطرة، فليست المرأة إذن خادما ذلولا مسخرا لخدمة الرجل، وليس الرجل معفيا من التكاليف، ولكنهما في تعاون معا على أداء مسؤوليات الحياة لكل منهما نصيبه، وفي ذلك بعض معنى قوله تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[٤] ، ومن ثم ندرك حكمة إعفاء المرأة من النفقة على نفسها وجعل ذلك من واجبات الرجل، فإنه ما كان يسوغ في منطق العدالة أن يثقلها بالحمل والوضع والرضاعة دون أن يقوم من جانبه بما يقابل ذلك من توفير النفقة لها.
فنحن إزاء سياسة فاضلة تقوم بتوزيع العمل بين الزوجين على أساس من العدالة التامة والمساواة والشورى.