للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كثيرين عندنا يغالطون حين يزعمون أن مساواة المرأة لا تتم إلا أن تقوم بعمل الرجل، وأن سر قوة الغربيين واختراعاتهم في أن المرأة تعمل عمل الرجل وأنّه لا يجوز للمرأة أن تكون عالة على أبيها أو زوجها أو أخيها؛ وإنني أقول: إن هذه الادعاءات ليست إلا مغالطة، ولا وزن لها في ميزان المنطق السليم، فليس الموظف الذي يقبض راتبه من خزينة الدولة يشعر أنّه عالة على الدولة بل يقبض راتبه بكل كرامة واعتزاز لأنّه يؤدي واجبا اجتماعيا نبيلا، والمرأة حين تكون في بيت أبيها قبل الزواج إنما تتمرس على شؤون البيت وأعماله وإداراته، فهي في عمل اجتماعي نبيل ثم إذا تزوجت بعد ذلك فهي في عمل يستغرق كل وقتها، فهل هي حينئذ تكون عالة على زوجها؟ أم أنها ستقوم بأعمال مرهقة قد تكون أكثر إرهاقا من عمل الزوج؟ وحينئذ هل تترك عملها في البيت لتعمل في خارجه؟ أم تقوم بالعملين معا؟!

إن ترك عملها في البيت لتعمل في الخارج إخلال بنواميس الحياة وخيانة للأمانة التي أوكلت بالمرأة، وفي قيامها بالعملين معا إرهاق لجسمها، وهو ظلم منها لنفسها ما بعده ظلم، وظلم من المجتمع لها، فالإسلام حين أراد منها أن تتفرغ لأعبائها وألزم زوجها أو وليها الإنفاق عليها إنما جعل هذا حقا لها؛ والإسلام بذلك صانها من الابتذال، وكفاها مشقة العمل فوق عملها المرهق، فهل انقلبت العناية بالمرأة في نظرها وفي نظر من عميت بصائرهم إلى احتقار وازدراء.