وما دام الله سبحانه وتعالى قد أودع في بني آدم القدرة على البحث والاكتشاف والابتكار، ومادام الكون بأرضه وسمائه وآفاقه هو المستهدف للنظر والتأمل والمعرفة، فإن أرجاء الكشف والابتكار فسيحة، وفسيحة جدا، وسوف يصل الإنسان في العلم والمعرفة والسيطرة آمالا بعيدة يظن بها أنه أَصبح قادرا على الأرض- وهذا يذكره الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز في قوله:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(يونس- الآية ٣٤) .
بل إنه قد يصل الحال بالإنسان إلى محاولة التغيير في خلق الله سبحانه وتعالى اتباعا لأمر الشيطان واستعلاء وكفراً وطغيانا، فيحكي القرآن على لسان الشيطان {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً}(النساء- الآية ١١٩) ، ومن محاولات الإنسان في هذا المجال ما يقوم به من تحويل بعض خصائص الإناث إلى الذكور وبعض خصائص الذكور إلى الإناث، وما يقوم به من دراسات ومحاولات لتغيير بعض صفات الجنين، اعتمادا على التحكم في بعض عناصر التغيير، وبهذا يتدخل في فطرة المخلوقات ويعمد إلى تغيير حالتها الطبيعية دون أن يكون من وراء ذلك فائدة محققة، وإنما تماديا في اللهو، {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ..} وتطرفا في العناد والخصام {أَوَلَمْ يَرَ الأِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}(يس- الآية ٧٧) .