ولو قلبنا صفحات التاريخ لتبينت لنا هذه الحقائق كاملة غير منقوصة. ولا يخفى على أحد حال الناس عموما والعرب خصوصا قبل الإسلام. وكيف كان الفساد والظلم والظلمات وكيف كان الضعف والتفرق والضياع وكيف تمكن منهم غيرهم. إلى أن جاء الإسلام ودخلوا في دين الله وتمسكوا بهذا الدين وحرصوا عليه وأحبوه حبا يفوق حبهم لأنفسهم وأولادهم وأهليهم وأموالهم. فغير الله حالهم إلى أحسن حال، وساد بينهم الحب والإخاء والعدل والأمن والسلام، وبسط الله لهم الرزق، وصاروا قوة يرهبها عدو الله وعدوهم، ومكن الله لهم في الأرض، وجاهدوا لإعلاء كلمة الله، فانهزمت أمامهم قوة الفرس والروم رغم قلة المسلمين وقلة أسلحتهم. لكنهم رغم قلتهم وقلة أسلحتهم كان معهم السلاح الحاسم الذي لا ينكسر أبدا هو سلاح الإيمان بالله، والاعتماد عليه، والانتصار لدينه وإعلاء كلمته. فلم يقف أمام ذلك السلاح قوة سلاح عدوهم المادي وكثرة أعدادهم ... ولم يقف الأمر بالمسلمين عند هذا الحد بل نشروا في هذه الأمم دين الله تعالى وأقبل الناس على دين الله ونشروا بين الناس العدل والإنصاف والمساواة والرحمة والإحسان.. ولقد مكن الله للمسلمين في الأرض، وعلموا الدنيا الحضارة الإسلامية المجيدة التي أنقذت الإنسانية من ظلمات الجهل والأباطيل وعبادة غير الله، وهدتهم إلى نور العلم والحقائق والتوحيد، وكشفوا للناس عن حقائق العلوم الحديثة، وسخروا هذه العلوم ومكتشفاتهم في سبيل الحق والخير، هذا في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تخبط في ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمات العصور الوسطى. ولم تنج أوروبا من هذه الظلمات إلا عندما اتجهت إلى المسلمين تستنير بما عندهم من معارف وتهتدي بما لديهم من علوم واكتشافات. ولذلك يعترف المنصفون منهم أن أوروبا مدينة في تقدمها العلمي للمسلمين.