للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم صارت الكلمة علما شخصيا لذلك الكتاب، وهذا هو الاستعمال الأغلب ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} .

وروعي في كونه قرآنا كونه متلوا بالألسن [٢] .

كما روعي في تسميته كتابا كونه مدونا بالأقلام.

فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه.

وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حق القرآن على المسلمين العناية بحفظه في موضعين السطور والصدور.

فلا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق ما عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر. والقراءة ضم الألفاظ بعضها إلى بعض في النطق.

والكتابة ضم الألفاظ بعضها إلى بعض في الخط، فمادة (ك ت ب) ومادة (ق ر أ) تدوران على معنى الجمع والضم.

ولقد خلد القرآن الكريم اللغة العربية وخدمها وهو سبب بقائها وانتشارها.

فمن ناحية التطوير:

كان الخط أو الكتابة المعروفة وقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هي كتابة أهل الحيرة، ولقد تعلمت قريش هذه الكتابة، وأول من نقلها سفيان بن أمية أو أخوه حرب بن أمية، وقد تطور الخط في صدر الإسلام إلى خط الجزم، ثم تطور مرة ثانية إلى الخط الإسلامي وهو ما يسمى بالخط الكوفي.

والخط الكوفي تأثر بالكتابة السريانية، فحروف الكتابتين متشابهة، والحروف المفصولة في العربية هي نفسها الحروف المفصولة في السريانية، وهي حروف الراء والواو والألف والدال، وكذلك يتشابهان في حذف الألف في لفظتي هذا وهؤلاء.

والكتابة في المدينة المنورة لم تتأخر في الظهور فيما عنها في مكة، فقد قيل إن يهوديا كان يعلم الصبيان الكتابة، وكان هؤلاء الصبيان هم كتبة الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم سعيد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ورافع بن مالك، وأسيد بن حظير، ومعن بن عدي، وأبو عيد بن كثير، وبشير بن سعيد وغيرهم.