للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما نظن دينا جعل العمل فرضا وكرم العاملين أكثر من الإسلام، بل ولأنه دين الله ومنسوب إليه فإن من كرم الله تعالى أن يأبى للمؤمنين به أن يكونوا عالة إلا عليه ثم على ما يأمرهم وما يسبب لهم من عمل، حتى لا يمدوا أيديهم إلى عدو له يستجدونه {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ، فالله لا يجعل أولياءه إلا كذلك حتى إن أكرم خلقه عنده هم رسله جعلهم جميعا يعملون، فمنهم من كان فلاحا وزارعا ماهرا، ومنهم من كان تاجرا رابحا، ومنهم من كان صانعا حاذقا إلى غير ذلك مما زخر القرآن الكريم بقصصهم وكان يمكن أن يكفيهم الله ذلك بكلمة (كن) ولكنه سبحانه شاء أن يجعلهم الشارة المتبعة للعالمين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَة} والقرآن عندنا قد أكثر من آيات العمل، بعضها بظاهر اللفظ وبعضها بمضمون المعنى.

فمن النوع الأول {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} وغير هذا كثير،. وثابت أن كلمة (العمل) عندنا في الإسلام – والقرآن كتاب الإسلام - يشمل عمل الدنيا أيضا، فعمل المسلم كله عبادة حيث لا رهبانية عندنا ولا مذلة ولا انطواء، ومن أجلّ عمل الدنيا المثاب عليه من الله الكدح في سبيل الرزق الطيب للنفس ومن تعول.

والآيات التي خلا منها لفظ العمل وحضت بالمعنى منها {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً} وغير هذا كثير.