للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يزال القواد العشرة الذين أرسلهم أبو عبيدة لمحاصرة فحل مرابطين عندها وكلما هم المسلمون بغزو المدينة حال الوحل بينهم وبين ما يريدون، ذلك لأن جيش الروم لما علم بقدوم جيش المسلمين إليهم فزعوا أشد الفزع، وفكروا كيف يدفعون هذا الموت الزاحف عليهم؟ فبثقوا مياه نهر الأردن ومياه بحيرة طبرية فغرقت الأرض بالمياه، وكانت الأرض سبخة فتحول ترابها إلى وحل وطين لم يتمكن الجيش بسببه من اقتحام المدينة.

وكان أبو عبيدة قد انتهى من دمشق، وعقد الصلح مع أهلها، ونظر فإذا هرقل يحرض الناس عليهم، والروم يجتمعون حوله في إنطاكية، وفكر القائد ماذا يصنع؟ أيذهب إلى هرقل ليقضي عليه، ويريح المسلمين من تحريضه وشره؟ أم يذهب إلى فحل ليؤمن ظهر الناس، وتصير الشام بعدها سلما للمسلمين؟

وسرعان ما تذكر أبو عبيدة رسالة الخليفة وأمره بالتوجه إلى فحل بعد فتح دمشق فلم يعد هناك مجال للتردد والتفكير، فليذهب أبو عبيدة وجيشه إلى فحل، وليكن من أمر هرقل بعد ذلك ما يكون.

استعد أبو عبيدة للمسير إلى فحل، وخلّف يزيد بن أبي سفيان في خيله على دمشق حتى لا تنتقض أو ترتد، وتقلب للمسلمين ظهر المجن.

وكان شرحبيل بن حسنة هو أمير الجيش حسبما وصى الخليفة، ورتب شرحبيل جيشه، فجعل خالدا على المقدمة، وأبا عبيدة وعمرا على المجنبتين، وضرار بن لأزور على الخيل، عياض بن غنم على الرجل [٢٠] .

سار الجيش على بركة الله، يحده أمل كبير في فتح هذه البلاد حتى تهدأ بلاد الشام كلها، ويصبح فيها المسلمون آمنين، واتجه شرحبيل بجيشه نحو الجنوب حتى انتهى إلى الجيش المحاصر وعليه أبو الأعور السلمي، فوجده وقد حال الوحل والماء بينه وبين جيش الروم.