وأراد شرحبيل أن يحرك الجيش الذي حاصر فحل تلك الفترة الطويلة دون أن يستطيع فتحها ليجدد نشاطه، ويحفزه للعمل بعد طول توقف فبعثه إلى طبرية فخرج أبو الأعور السلمي بجيشه متوجها إلى الشمال حيث تكون طبرية.
ونزل شرحبيل بجيشه الذي ضم خيرة قواد المسلمين على فحل، فوجد الأرض لا زالت غارقة بالوحل والماء، وبحث المسلمون حولهم فوجدوا أنفسهم بأطيب مقام، الأرض خصبة، والخيرات كثيرة، والعيش رغد، والروم محصورون لا يصلهم مدد ولا يسعفهم عون، فلماذا يتعجلون؟
وكتب القائد إلى الخليفة يخبره بموقف الجيش، ذلك لأن عمر –رضي الله عنه- كان يوصي القواد دائما بالكتابة له بكل ما يكون عليه الجيش حتى يكون بقلبه وروحه دائما مع المجاهدين وما كان يحب أن يخفى عليه شيء من أحوالهم، ولم يكن هناك ما يدعو للعجلة فأقام الجيش حتى يأتيه أمر الخليفة.
مغامرة يائسة:
رأى سقلاّر قائد جيش الروم وجوها جديدة تحاصر المكان، ورأى في تصرفاتهم عدم الاكتراث بطول الحصار، فتأكد أن القوم جادون في حصارهم، وأنهم لن يبرحوا الأرض –مهما طال وقوفهم- حتى يفتحوها، فماذا يفعل؟ وكيف يتصرف؟؟
لقد كانت هزيمتهم في اليرموك لا زالت تقض مضاجعهم، وتفت في أعضادهم ثم بلغتهم أخبار دمشق ذات الحصون والأسوار فزادت في فزعهم واضطرابهم وهاهي ذي الأنباء تترى بأن هرقل يتأهب لمغادرة بلاد الشام إلى غير رجعة.
لم يكن أمام جيش الروم إزاء تلك الأحداث الجسام، وبعد تلك المواقف المفزعة إلا أن يغامر بخوض معركة مع المسلمين وليكن الموت فهو على كل حال خير من الأسر وإن كان مشوبا بعار الهزيمة.