للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزم سقلار على مباغتة المسلمين وتبييتهم، فأرسل فرقة من جنوده ليكتشفوا له من خلال الوحل طريقا بها يهاجم منه المسلمين، معتقدا أنه سيأخذهم على غرة وهم نائمون، ولكن شرحبيل قائد قوات المسلمين كان دائما على استعداد، لأنه كان يتوقع أن يهاجمه الروم في أي لحظة، ولهذا فإنه كان يمسي ويصبح على تعبئة وجيشه في غاية اليقظة والحذر.

وتخير سقلار بن مخراق القائد اليائس ليلة ليبيت فيها المسلمين، فلما جن الليل عبر تحت ستار ظلامه ذلك المكان الوحل إلى حيث يعسكر المسلمون، وهو مطمئن تماما إلى غفلة المسلمين وعدم انتباههم له، ولكنه لم يكد يواجه الجيش الإسلامي حتى فوجئ باستعدادهم لملاقاته، وخاب أمله في كل ما كان يتوقعه من غفلة المسلمين وعدم انتباههم، فلم يكن بد من المعركة.

وتلقاه شرحبيل هو وجنوده، فقاتلوا أشد القتال، وقاوموا أعنف مقاومة أعادت إلى أذهان الروم استبسال المسلمين في معركة اليرموك، واستبسل الروم في القتال فلم تكن لهم رغبة في الحياة بعد قتلى اليرموك واستسلام دمشق وفرار هرقل.

واستمرت المعركة بتلك الشراسة طول الليلة التي هاجم فيها سقلار، وتنفس الصبح والقتال لا يزال مستمر الأوار، والموت يتخطف الناس من كل جانب، وأيقن المسلمون أن ما بين النصر والهزيمة هو صبر ساعة فصبروا محتسبين، وانتصف النهار والمعركة تزداد شراسة وفتكا، وتحمس المسلمون فبعد الزوال ينزل نصر الله كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وازدادت ثقتهم بهزيمة عدوهم فقد بدا على جيش الروم إعياء شديد، ولولا تشبث النفس الإنسانية بالحياة لألقوا بأيديهم منذ الجولة الأولى.

اللحظة الحاسمة: