الإمام: إن هذه الآية عامة أريد بها الخصوص لا العموم كقوله تعالى عن الريح التي أهلك بها قوم هود: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} فهل دمرت كل شيء حقا، أو أنها لم تدمر إلا ما أراد الله..
المعتزلي: ويقول إن الله تعالى يقول: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} فهل يكون محدثا إلا المخلوق؟
الإمام: إن الذكر هو في القرآن جاء في قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فهو هنا معرف بالألف واللام، وفي الآية الأولى بدون الألف واللام فهذه غير تلك.
المعتزلي: إن عمران بن معين يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله "إن الله خلق الذكر.." وفي ذلك تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم بأن القرآن مخلوق.
الإمام: أخطأت فالرواية التي رويناها عن عمران وغيره من ثقلت أهل الحديث هي "أن الله كتب الذكر"
المعتزلي: أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقرب إلى الله ما استطعت فإنك لن تتقرب إلى الله بشيء هو أحب إليه من كلامه! "
أحمد: بلى، فلا روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعتزلي: إن فيه دليل على أن القرآن مخلوق!
أحمد: لست أجد فيه هذا الدليل!
المعتزلي: إذا قرأت القرآن لتتقرب به إلى الله تعالى أليست كلمات مؤلفة من حروف وأصوات، وهل يتألف من حروف وأصوات إلا الكلام المخلوق فهل نجد لك مفرا بعد إذ أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نتقرب إلى الله بتلك الألفاظ إلا أن تسلم بأن القرآن مخلوق!
الإمام: القرآن كلام الله قديم غير مخلوق، وأما أفعالنا فيه إذا كتبناه أو تلفظنا به فهي مخلوقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول زينوا القرآن بأصواتكم، فالقرآن إذا غير أصواتنا المخلوقة التي نزينه بها. الكلام كلام الباري، والصوت صوت القارئ.