المعتزلي: إن تشبثك بأن القرآن كلام الله غير مخلوق معناه أنك تنسب إلى الله تعالى جوارح يتكلم بها كالمخلوقين وتشبيه الخالق بالمخلقات كفر!
الإمام: هو أحد صمد لم يلد ولم يولد، لا عدل له ولا شبيه وهو كما وصف نفسه. حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله كلم موسى بمائة ألف كلمة وعشرين ألف كلمة وثلاثمائة كلمة، وثلاثة عشرة كلمة فكان الكلام من الله والاستماع من موسى، فقال موسى أي رب أنت الذي تكلمني أم غيرك؟ قال الله تعالى يا موسى أنا أكلمك لا رسول بيني وبينك"، فهذا ما يخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه، وأنا ما أقول إلا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعتزلي: كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحمد: إن يك هذا كذبا مني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} .
وقال:{وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فهو قول منه وليس خلقا من خلال هذا الحوار الذي دار بين المعتزلة الخصوم، تتجلى لنا حقيقة أن أحمد بن حنبل كان قوي الحجة وذلك ما رمناه من عرض هذا الجزء من المناظرة التي دامت أياما بين الإمام وخصومه وانتصر فيها حقه على باطلهم.
زهده وورعه:
إن الزهد لتقليل الدنيا زهي قليلة، واحتقارها وهي حقيرة ولو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة لما سقى الكافر منها جرعة ماء، والرغبة عنها إلى الآخرة إيمانا بها وبخيراتها ودوامها والآخرة خير وأبقى. كما أن الورع هو الكف عن شهواتها وترك محرماتها والتقلل من مباحاتها، والبعد عن متشابهاتها طلبا للسلامة منها حتى يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس.