والجواب واضح وصريح في أن المعاملة الطيبة التي كان يلقاها الأسرى من الرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر من أعلى مظاهر الإنسانية الرفيعة التي كانت تكون العلاقة بين القائد العسكري وبين أسرى الحرب.
سابعا: الخاتمة:
وبعد فهذه غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون، وزلزل المشركون، وأنجز الله وعده، وأعز جنده، وأسعد من حضرها من المسلمين فهو عند الله من الأبرار.
ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة"[٨] .
وبهذه الغزوة، وبهذا الانتصار استقر أمر المسلمين في بلاد العرب جميعا، وكانت هذه الغزوة مقدمة وبداية للدولة الإسلامية المترامية الأطراف، ولا عجب أن سماها الله سبحانه وتعالى فرقانا حيث يقول:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَان}(الأنفال آية ٤١) ، لأنها فرقت بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، والنور والظلام.
ورغم أن بدرا تعد أول غزوة من غزوات جيش الإسلام ورغم أنها المرة الأولى التي يقف فيها الرسول الكريم موقف المحارب فإننا نستطيع أن نستخلص منها دروسا لها قيمتها ومبادئ خطيرة لها شأنها في سير المعارك.
وهذه الدروس لم تتغير ولم تتبدل رغم اختلاف العصر الذي نعيش فيه والعصر الذي تمت فيه غزوة بدر. ومن أهمها:
١_ أهمية القضاء على قوة العدو الاقتصادية، ووضعها في المقام الأول، لأن في القضاء عليها قضاء على القوة العسكرية.
٢_ الشورى وما لها من أهمية كبرى في الميدان ووقت الحرب، فالقائد الحكيم هو الذي يستشير خبراءه ليعرف منهم الخطة السليمة الصحيحة.
٣_ أهمية القوى المعنوية للمحاربين والقوة المعنوية هي العامل الأول الذي دفع بالمسلمين إلى النصر رغم قلة عددهم وكثرة عدوهم.