للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بالمدينة في الفترة الأولى لهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها ثلاث طوائف مختلفة، الطائفة الأولى: المهاجرون والأنصار وهو نواة الإسلام، وكانوا يحبون رسول الله حبا لا حد له، إذ أن روح الأخوة الإسلامية التي غرسها النبي صلى الله عليه وسلم بينهم حالت دون ظهور أي أثر من آثار الجاهلية، وبدأ الأنصار والمهاجرون يتنافسون في بذل أكبر تضحية في سبيل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. والطائفة الثانية: كانت تتألف من المنافقين، وعلى رأسهم عبد الله بن أبي، وكان عبد الله يطمع أن يكون ملكا على المدينة، فجمع حوله طائفة قوية من الأتباع ولكن قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أحبط أعماله في استغلال من يريد إذ تولى زمام السلطة، فاضطر هو وأنصاره في غمرة الحماسة التي استقبل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يتظاهروا بالإسلام، ولكنهم كانوا يتحينون الفرصة لينقلبوا على المسلمين، وأخذوا يدبرون المؤامرات ضدهم في الخفاء، ولذلك كانوا مصدر خطر كبير على الدولة الإسلامية الناشئة، وهذه الطائفة هي التي ذكرها القرآن الكريم في سورة المنافقين، فقال لهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (المنافقون: الآية ١-٢) .