وهذا جهاد، يستلزم جهاد أهل الفسق والخروج عن طاعة الرب، وذلك بحملهم على التزام حدود الشرع بواسطة الأمر والنهي المصحوبين بالترغيب والترهيب وهي الموعظة الحسنة المأمور بها في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}(النحل: من الآية١٢٥) .
وجهاد الشيطان عليه لعائن الله، وذلك بالتنبّه لكيده، ومعرفة تزيينه وإلغاء شبهه، وعدم الإصغاء إلى وساوسه، والاستعانة على ذلك بذكر الله تعالى، والاستعاذة بجنانه جل وعلا من كل فتنه وشروره.
وجهاد الكفار وهو أكبر من جهاد الشيطان. ويكون بالنفس والمال، وذلك بقتالهم مع إمام المسلمين أو نائبه حتى يسلموا لله رب العالمين، أو يستسلموا لحكم المسلمين، وبذلك يتمكن المؤمنون من عبادة ربهم حيث لم يخلقوا إلا لها، ولن يكملوا ولن يسعدوا في كلا حياتيهم إلا بها وعليها.
وأخيرا أيها القارئ الكريم إن العبد المؤمن إذا امتثل هذه الأوامر الثلاثة فاتقى الله عز وجل، وتوسل إليه بالإيمان وصالح الأعمال، وجاهد أعداءه ليأمن من شرهم، فيتمكن من العبادة التي هي سبب كماله وسعادته في الدنيا والآخرة، ربح أعظم ربح وفاز أكبر فوز، وذلك هو النجاة من ذل الدنيا وشقائها، وعذاب الآخرة وخزيها ودخول الجنة والتمتع بنعيمها، قال تعالى:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز}(آل عمران: من الآية١٨٥)
هداية الآية:
إن هذه الآية كغيرها من الآيات القرآنية الكريمة تحمل الهدى للمؤمنين، والموعظة للمتقين والرحمة والبشرى للمسلمين، وهذه بعض مظاهر ذلك:
١) في نداء الله تعالى للمؤمنين بعنوان الإيمان - يا أيها الذين آمنوا - إشعار بتكريمهم وتقدير لشرفهم، وعلو منزلتهم، وضمن ذلك تذكيرهم بما يتطلبه إيمانهم من الاستعداد للعمل والجهاد، وما يستلزمه من الطاعة بالاستجابة لله والرسول صلى الله عليه وسلم والامتثال: