للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الأرجوزة يحسبها كثير من النقاد والباحثين مظهرا من مظاهر الشعر القصصي [١١] ، ويقول الأستاذ أحمد أمين: " ... هي صورة مصغرة لنمط الملاحم كالإلياذة والشاهنامة سدت بعض النقص في الشعر العربي من هذا النوع" [١٢] .

يفتتح الشاعر أرجوزته على الطريقة التي سلكتها المتون في الأزهر القديم:

باسم الإله الملك الرحمن

ذي العز والقدرة والسلطان

الحمد لله على ألائه

أحمده والحمد من نعمائه

أبدع خلقا لم يكن فكان

وأظهر الحجة والبرهانا

وجعل الخاتم للنبوة

أحمد ذا الشفاعة المرجوة

الصادق المهذب المطهرا

صلى عليه ربنا فأكثرا

مضى وأبقى لبني العباس

ميراث ملك ثابت الأساس

برغم كل حاسد يبغيه

يهدمه كأنه يبنيه

ثم يذكر أنه ألف هذه القصيدة في سيرة أبي العباس المعتضد، ويعرض لحال الخلافة قبله، والفوضى السياسية والاجتماعية التي كانت سائدة، وأعمال أبيه ((الموفق)) والقضاء على فتنة الثائر العلوي ٢٧٠ هجري، فيقول:

قام بأمر الملك لما ضاعا

وكان نهبا في الورى مضاعا

تذللا ليست له مهابة

يخاف إن طنت به ذبابة

وكل يوم ملك مقتول

أو خائف مروع ذليل

أو خالع للعقد كيما يغني

وذاك أدعى للردى وأدنى

وكم أمير كان رأس جيش

قد نغصوا عليه كل عيش

وكل يوم شغب وغصب

وأنفس مقتولة وحرب

وكم فتى قد راح نهبا راكبا

إما جليس ملك أو كاتبا

فوضعوا في رأسه السياطا

وجعلوا يردونه شطاطا

وكم فتاة خرجت من منزل

فغصبوها نفسها في المحفل

وفضحوها عند من يعرفها

وصدقوا العشيق كي يقرفها

وحصل الزوج لضعف حيلته

على نواحه ونتف لحيته

وكل يوم عسكر فعسكرا

بالكرخ والدور مواتا أحمرا

كذاك حتى أفقروا الخلافة

وعودوها الرعب والمخافة

فتلك أطلال لهم قفارا

ترى الشياطين بها نهارا