للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعاش ألفا غير خمسين سنة

يدعو إلى الله وتمضى الأزمنة

يدعوهم سرا ويدعو جهرا

فلم يزدهم ذلك إلا كفرا

وانهمكوا في الكفر والطغيان

وأظهروا عبادة الأوثان

وهكذا يمضي الشاعر في أرجوزته يتحدث في استفاضة، ودقة متناهية عن قصة أبي البشر الثاني مع قومه، وما أعقب ذلك من أحداث. وتحدث عن الأنبياء والرسل نبيا نبيا، ورسولا رسولا، وعن الأمم والشعوب من عرب وعجم قبل مطلع النور –الإسلام

فيقول:

فهذه جملة أخبار الأمم

منقولة من عرب ومن عجم

وكل قوم لهم فكير

وقلما تحصل الأمور

وعميت في الفترة الأخبار

إلا التي سارت بها الأشعار

والفرس والروم لهم أيام

يمنع من تفخيمها الإسلام

وإنما يقنع أهل العقل

بكتب الله وقول الرسل

وجاء الإسلام بنوره الوهاج:

ثم أزال الظلمة الضياء

وعاودت جدتها الأشياء

ودانت الشعوب والأحياء

وجاء ما ليس به خفاء

أتاهم المنتخب الأوّاه

محمد صلى عليه الله

وانساب الشاعر يصور الأحداث حدثا حدثا، والخلفاء خليفة خليفة إلى أيام المستعين الذي عاصره الشاعر، واختتم أرجوزته قائلا:

فنحن في خلافة مباركة

خلت عن الأضرار والمشاركة

فالحمد لله على إنعامه

جميع هذا الأمر من أحكامه

ثم الصلاة أولا وآخرا

على النبي باطنا وظاهرا [٩]

وبذا يكون علي بن الجهم أول شاعر يقوم بعمل متكامل وصل إلينا كاملا في هذا الباب [١٠] .

أما عبد الله بن المعتز ((٢٤٧ -٢٩٦ هجري)) فقد نظم في أرجوزته حياة الخليفة العباسي المعتضد ((٢٧٩ -٢٨٩ هجري)) وسيرته وما قام به من أعمال كبيرة وعظيمة، فرفع من شأن الخلافة بعد اتضاع، وأخذ على يد الأتراك بقدر المستطاع، وشرح الشاعر فيها الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفسادها، وتحدث عن القضاء على الثائرين والمتمردين!..