فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم كأن قطع السكر تتناثر من فمه صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاء في حديث أم معبد في قصة الهجرة تصفه صلى الله عليه وسلم لزوجها تقول:"رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه أكحل أزج أقرن في عنقه سطع وفي صوته صحل أي نبرات حلوة". ومع ذاك كله فقد كان لا يكثر على أصحابه وإنما يغتنم الفرصة فيتخولهم بالموعظة الحسنة مخافة أملالهم. فقد روى البخاري ومسلم من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة الاسدي الكوفي رحمة الله قال:"كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة". فقال له رجل:"يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم". فقال:"أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة الحسنة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا".
كما أشعر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قصر الخطبة يوم الجمعة من فقه الرجل فقد روى مسلم في صحيحة من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه" فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، ولذلك كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الكلام جدا على حد قول النابغة الجعدي رضي الله عنه فيه صلى الله عليه وسلم:
ضمنا وليس بجسمه سقم
نذر الكلام من الحياء تخاله
ولقد كان السامع له صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يعد كلامه ومع ذلك إذا تكلم أعاد الكلمة ثلاثا ليفهم عنه صلى الله عليه وسلم.