قلت: والشاهد في هذا الكلام واضح بين أنه نقل عن ضلال المتكلمين مقالتهم في التفريق بين طريقة السلف والخلف مع أن هذا الرجل الذي أخطأ في وضع عنوان كتابه لم يفرق بين عقيدة السلف والخلف فضلا عما في كتابه من الحقائق غير ثابتة على أئمة الحديث وعلى غيرهم من جهابذة المتكلمين والفلاسفة الذين لا يرضون عن عمله هذا لأنه قال على الفريقين وآذاهما في وقت واحد، أرجو له الهداية والعودة الحميدة إلى طريق الصواب، والحق والإنصاف.
إني: حسب الوعد الذي قطعته على نفسي أرغب أن أتعرض لهذه الفتنة السوداء والنكسة الشنعاء وذلك في ضوء البحث العلمي، إيضاحا للحق وبيانا للواقع ودعوة إلى ما كان عليه الأولون من منهج رفيع ودستور عظيم مع التعرض لتاريخ بعض رجل هذه الحادثة الأليمة والواقعة الخطيرة أعني الاعتزال، ثم الذين وقفوا في سدها ودفعها دفعا قويا وسدا منيعا من أئمة الحديث والسنة رحمهم الله تعالى ثم التعرض لبعض نقول هذا الكتاب المردود عليه بأنها مقولة على أصحابها بغير علم وكشفا لحقيقة هذا المؤلف الجديد وتنبيها وتحذيرا للأخوة الطلبة الذين هم في حاجة ثقافة قوية، وحضارة إسلامية عظيمة، ألا يقرؤوا مثل هذه الكتب وما أكثرها اليوم في الأسواق. قبل تمكنهم من الحصول على الرصيد الحافل من العلم الصحيح والعقيدة الصافية النقية، وذلك بدراستهم علوم الكتاب والسنة وأصول دراستهما من أفواه أهل العلم المتمكنين منه دراية ورواية.
١_ الجعد بن درهم:
نعم: أول فتنة شنعاء في هذا الباب تأويل صفات الباري جل وعلا وتعطيلها أو تحريفها أو إنكارها بالكلية قام بها رجل يسمى: الجعد بن درهم. قال الإمام الذهبي في ميزانه:
"عداده في التابعين"ثم قال: "مبتدع ضال، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى، فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر"[٨] .