فالقائل بخلق القرآن في نظر السلف رحمهم الله مبدل دينه كما أثبت ذلك أبو سعيد رحمه الله تعالى من استدلاله بآيات من الكتاب الحكيم ثم قال أبو سعيد رحمه الله تعالى:
"ونكفرهم أيضا بكفر مشهور وهو تكذيبهم بنص الكتاب، أخبر الله تبارك وتعالى أن القرآن كلامه، وادعت الجهمية أنه خلقه، وأخبر الله تبارك وتعالى أنه كلم موسى تكليما، وقال هؤلاء: لم يكلمه الله بنفسه ولم يسمع موسى نفس كلام الله إنما سمع كلاما خرج إليه من مخلوق، ففي دعواهم دعا مخلوق موسى إلى ربوبيته فقال:{ِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْك} فقال له موسى في دعواهم –صدقت ثم أتى فرعون يدعوه أن يجيب إلى ربوبية مخلوق كما أجاب موسى في دعواهم، فما فرق بين موسى وفرعون في مذهبهم في الكفر إذا فأي كفر بأوضح من هذا؟
وقال الله تبارك وتعالى:{ِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون} .
وقال هؤلاء: ما قال لشيء قط قولا وكلاما كن فكان ولا يقوله أبدا ولم يخرج منه كلاما قط ولا يخرج، ولا يقدر على الكلام في دعواهم، فالصم بدعواهم والرحمن بمنزلة واحدة في الكلام، فأي كفر بأوضح من هذا؟