وأما الأثر فيه: فما حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن يزيد وجرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتى بقوم من الزنادقة فحرقهم بلغ ذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال: أما أنا فلو كنت لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"ولما حرقتهم لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله" زاد سليمان في حديث جرير: فبلغ عليا ما قال ابن عباس رضي الله عنهما فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
قال أبو سعيد: فرأينا هؤلاء الجهمية أفحش زندقة، وأظهر كفرا، وأقبح تأويلا لكتاب الله ورد صفاته فيما بلغنا عن هؤلاء الزنادقة الذين قتلهم علي عليه السلام وحرقهم فمضت السنة من علي وابن عباس رضي الله عنهما في قتل الزنادقة لما أنها كفر عندهما وأنهم عندهما ممن بدل دين الله وتأوّلا في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجب على رجل قتل في قول يقوله حتى يكون قوله ذلك كفرا. ولا يجب فيما دون الكفر قتل إلا عقوبة فقط فذاك الكتاب في إكفارهم وهذا الأثر"انتهى.
قال السندي عفا الله عنه: "أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أبو سعيد بإسناده عن شيخه سليمان بن حرب فهو حديث أخرجه الإمام البخاري في الجامع الصحيح في كتاب الجهاد باب رقم (١٤٩) وهو بعنوان (باب لا يعذب بعذاب الله) عن شيخه علي بن عبد الله المديني. وأخرجه أيضا في كتابه استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب رقم (٢) وهو بعنوان (حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم) أخرجه عن شيخه أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وأخرجه أيضا الإمام أبو داود والترمذي والنسائي في سننهم وكذا ابن ماجه والإمام أحمد في مسنده في عدة مواضع.