للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وقد عقد الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه عنوانا وهو: (باب الإحتجاج في إكفار الجهمية) ثم قال رحمه الله تعالى: "ناظرني رجل ببغداد منافخا عن هؤلاء الجهمية فقال لي: بأي حجة تكفرون هؤلاء الجهمية وقد نهي عن إكفار أهل القبلة؟ بكتاب ناطق تكفرونهم أم بأثر أم بإجماع؟ فقلت: ما الجهمية عندنا من أهل القبلة وما نكفرهم إلا بكتاب مسطور وأثر مأثور وكفر مشهور: أما الكتاب: فما أخبر الله تعالى عن مشركي قريش من تكذيبهم بالقرآن فكان من أشد ما أخبر عنهم من التكذيب أنهم قالوا هو مخلوق كما قالت الجهمية سواء، قال الوحيد: وهو الوليد بن المغيرة المخزومي: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} وهذا قول جهم إن هذا إلا مخلوق وكذلك قول من يقول بقوله، وقول من قال: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ} و {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} و {إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} معناهم في جميع ذلك ومعنى جهم بن صفوان في قوله يرجعان إلى أنه مخلوق ليس بينهما فيه من البون كغرز إبرة ولا كقيس شعرة. فبهذا نكفرهم كما أكفر الله به أئمتهم من قريش، وقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} إذا قال: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} لأن كل إفك وتقول وسحر واختلاق وقول البشر، كله لا شك في أنه مخلوق. فاتفق من الكفر بين الوليد بن المغيرة وجهم ابن صفوان: الكلمة والمراد في القرآن أنه مخلوق فهذا الكتاب الناطق في إكفارهم.