للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: أن مسألة خلق الجن ليست مسألة افتراضية حتى يحيطها الدكتور بهذا الركام من الأسئلة التي تنبعث من ظلمات الشك بل والإنكار، وإنما هي مسألة حددها القرآن بوضوح تام يقول الله تعالى: {خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} ثم يأتي بيان الرسول صلى الله عليه وسلم فيزيد المسألة تأكيدا ويكشف عن أصل كل واحد من العوالم الثلاثة الإنس – الملائكة - الجن في حديثه الذي يقول فيه: "خلقت الملائكة من نور. وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم" [٣] رواه مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، فما رأي الدكتور في هذا الحديث وهو في غاية الوضوح، ولا أحسبه يقبل شيئا من التأويل الغريب الذي جنح إليه الدكتور في تفسيره لمعنى ((الجن)) وإنني أستبعد أن يكون الدكتور جاهلا بهذا الحديث، وحتى لو سلمنا باتحاد أصل الملائكة والجن حسب رأيه فإننا نقول: ليس في اتحاد أصل عالمي الملائكة والجن مع اختلاف طبائعهما ومواصفاتهما أي غرابة حتى يثير الدكتور الدخان حول نار الجن ونور الملائكة بتساؤله ما الفرق بين النار والنور؟ راميا بذلك إلى إثبات أن الأصل الواحد لا يمكن أن ينشأ عنه نوعان مختلفان متجاهلا أو متغافلا عن حقيقة هامة هي أن الأصل سواء أكان النور أو النار لا فعالية له من ذاته في الخلق والإيجاد وإنما يكون الخلق منه بقدرة الله وكلمته ((كن فيكون)) إذن فما دام الأمر بيد الله سبحانه وتعالى فإن مناقشة ((كيفية)) الخلق لنوع أو نوعين لا تنتج إلا العبث، ولا تفضي إلا إلى فساد الفكر وضعف الإيمان بقدرة الله على خلق ما يشاء ومما يشاء كيفما يشاء.