ولماذا لم يستغرب الدكتور اتحاد الأصل الذي كان منه الإنسان وهو نوع له مميزاته ومواصفاته ثم كان منه الحيوان فكلاهما من ماء وطين يقول الله سبحانه:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ثم لننظر إلى اختلاف عالم الحيوان عن عالم الزواحف عن الأسماك عن الطير في الخصائص والمميزات واختلاف أحد هذه العوالم عن عالم الإنسان الذي يتحد مع كل هذه العوالم في أصل مادة خلقه فهل يسوغ لنا أن ننكر ((وجود)) بعض هذه العوالم نظريا لأن الأصل لا ينبغي أن يكون إلا لواحد منها لا يتعداه. بل إن في عالم الإنسان ما يجعلنا نقف مبهورين أمام إبداع القدرة الخلاقة عندما نتأمل اختلاف خلق آدم عن خلق أبنائه ثم عن خلق واحد متميز من أبنائه وهو سيدنا عيسى عليه الصلاة السلام. ولكن هذا لا يثير الاستغراب الذي يؤدي للشك أو للإنكار بل بالعكس فإنه يلمس في النفس أعمق مشاعر الإيمان التي يحركها إدراكنا لإبداع القدرة الإلهية. فما لعنصر ولا لمادة معينة فعالية ذاتية في خلق كائن أو إفراز نوع ولكن الإيجاد لكل الأنواع – بقطع النظر عن أصل المادة التي خلقت منها- إنما يكون بقدرة الله الذي يقول للشيء كن فيكون. ولا أحسب الدكتور محمد البهي يجهل هذا ولكني أخشى أن يكون إنكاره للجن انسياقا وراء بريق الجديد وإن كان زائفا أو إحياء لانحراف الفكر القديم ولو كان باليا.