للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَودَّعْتُ القِداحَ وقد أراني

بها في الدَّهر مشغوفاً رهينا

وحرَّمت الخمور عليَّ حتى

أكون بقعر ملحود دفينا

وقوله:

فلا والله لا أْلفى وشرباً

أُنازعُهم شراباً ما حييتُ

أبى لي ذاكَ آباءٌ كرام

وأخوالٌ بِعِزَّهمُ رُبيتُ [١٠]

وممن حرمها في الجاهلية عبد الله بن جدعان وكان سيداً جواداً من سادات قريش من بني تميم. وروى في سبب تحريمه الخمر أنه شرب يوماً مع أمية بن أبي الصلت الثقفي الشاعر الجاهلي المشهور، فضربه على عينه، فأصبحت عين أمية مُخْضَرَّةً يُخاف عليها الذهاب، فقال له عبد الله: ما بال عينك؟ فسكت، فألحَّ عليه، فقال: أوَلَسْتَ ضاربها بالأمس؟ فقال: أو بلغ مني الشرابُ ما أبلغ معه إلى هذا الحد، ثم دفع إلى أمية عشرة آلاف درهم. وقال: الخمر عليَّ حرام لا أذوقها بعد اليوم أبداً، وهو القائل:

شربت الخمر حتى قال صحبي

ألستُ عن السَّفاهِ بِمُسْتَفيق

وحتى ما أوَسَّدُ في مبيتٍ

أنام به سوى التُّرْب السحيق

وحتى أَغْلقَ الحانُوتَ صحبي

وآنَسْتُ الهوانَ من الصديق [١١]

قال أبو الفرج وهو يورد قصة عبد الله بن جدعان وتحريمه الخمر على نفسه في الجاهلية "إنه ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهلية إلا ترك الخمر استحياء مما فيها من الدنس ".


[١] كتاب عمدة الأحكام للإمام تقي الدين المقدسي في باب حد الخمر.
[٢] شرح ديوان زهير صنعة أبي العباس أحمد بن يحي ثعلب. ط الهيئة العامة للكتاب بمصر ص ١٤١.
[٣] مثل كتاب العقد الفريد الجزء السادس وأمالي القالي الجزء الأول والمستطرف للأبشيهي وكتاب الأشربة لابن قتيبة، والإصابة لابن حجر في تراجم كثير من الصحابة.
[٤] أمالي القالي ج١ ص ٢٠٧.