للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن تعاطي المواد المخدرة ظاهرة عرفت منذ زمن بعيد، وكانت حتى عام ١٩٤٠م تنحصر في بعض الدول التي عانت من إساءة استعمال المخدرات الطبيعية ذات الأصل النباتي (الحشيش والأفيون) . وأثناء الحرب العالمية الثانية بدأ الطيارون الألمان يستعملون جرعات من عقار الأمقيتامين المنشط لزيادة عدد طلعات الطيران، ثم تطور الأمر إلى إساءة استخدام العقاقير الأخرى المصنعة سواء المنشطة أو المنومة أو المهلوسة، والتي تنتجها مصانع الأدوية من مواد كيمائية على شكل حبوب أو أقراص أو كبسولات أو حقن أو أشربه، وقد كانت تنتجها أصلاً للأغراض الطبية والعلاجية لبعض الأمراض النفسية أو لتسكين بعض الآلام أو لإذهاب القلق والمساعدة على راحة الإنسان المريض ولكن للأسف، أسيء استعمال تلك العقاقير بشكل رهيب، فشكلت ظاهرة خطيرة أخذت بتلاليب معظم المجتمعات الدولية وأصبحت كظاهرة المخدرات الطبيعية سواء بسواء إذ أنها كلها سموم، بل إن مشكلة العقاقير المخدرة أشد وطأةً وأثراً على المجتمعات الدولية في وقتنا المعاصر، بل وكارثة عظمى تهدد المجتمع الإنساني بسبب سهولة تناولها ووجودها بالصيدليات ومراكز الأدوية، ولتشابهها مع تلك الأدوية التي يستعملها المريض بوصفات طبية مشروعة. وقد نشأت المشكلة بسبب استعمالها بطريق خاطئ يؤدي إلى الإدمان، وتنتج عنه أبلغ الآثار السيئة والأخطار الجسيمة على مستعمليها وعلى المجتمع.

ولقد أحس المجتمع الدولي بخطورة المشكلة.. فهب إلى إبرام اتفاقية المواد النفسية عام ١٩٧١م وضع بمقتضاها نظاما للرقابة على العقاقير ذات التأثير على النفس والعقل بهدف قصر استخدامها للأغراض الطبية والعلمية فقط، وبذلت _ وما زالت تبذل _ من كافة الأجهزة المعينة بشئون المخدرات والهيئات العالمية الصحية جهود مضنية في سبيل التصدي لهذه المشكلة ودرء أخطارها الجسيمة.