ولم يسلم مجتمعنا العربي السعودي من هذه الظاهرة (استعمال الحبوب المخدرة) ولكن _ والحمد لله _ ما زالت لا تعدو أن تكون دقاً لناقوس الخطر الذي بدأ في الآونة الأخيرة يقرع أسماعنا. والمشكلة إن كانت قائمة، فالوقاية منها والاحتياط لها _ قبل أن تستفحل _ واجب. وهناك دول وقعت فريسة لهذا الداء الوبيل ولم تدرك خطره إلا بعد أن عانت الكثير منه. فعلينا أن نأخذ درساً مما عانته تلك الدول، فالتقى من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه. ومن واجبنا الديني والوطني والإنساني أن نتصدى لهذه الآفة بكل إيمان وجدية لندرأ عن شبابنا أخطارها. وعن مجتمعنا آثارها، فالوقاية خير من العلاج.
والكارثة التي تحل بالفرد وبالمجتمع نتيجة استعماله للمخدرات. تبدأ من مستصغر الشرر. فيبدأ الفرد في تعاطيها لهدف أو لظرف خاص، مثل الطالب الذي يستعمل حبوب الأمفيتامين بهدف اليقظة والسهر للاستذكار وقت الامتحانات، والمرآة التي تأخذ الحبوب لمعالجة البدانة التي تفقدها الشهية لتزيد من نشاطها وقدرتها على القيام بمسئولية بيتها. والعامل الذي يبغي الحفاظ على قواه وزيادة نشاطه وقدراته على العمل والإنتاج، والسائق الذي يتناول الحبوب المنبهة لتساعده على السهر لمواصلة السفر بسيارته، والشارب الذي يجاري صديقه فيستعمل الحبوب المخدرة مجاملة أو تقليدا في ميوعة يريد بها إنعاش نفسه، أو إزالة همومه، أو الهروب من مشاكله العائلية، أو النفسية التي تنتابه نتيجة بعض الظروف التي تحيط به اجتماعياً أو أسرياً، وذلك الذي يتناول الحبوب لأسباب صحية دون استشارة الطبيب. كل هؤلاء واهمون، مخطئون.. إذ أنهم بعد وقت قصير يتأكدون من ذلك. ويشعرون أن كل ما سعوا إليه من استعمالهم للمخدر أثره وقتي، وسريعاً ما يزول، فيدفعهم ذلك بلا شك إلى زيادة الجرعة التي يتعاطونها أملا في تحقيق ما يريدون فيعتادونها، ثم يدمنونها، وهنا تقع الكارثة.