فأهم ما يميز الإنسان قدراته العقلية وإمكانياته اللغوية والرمزية، وما جبل عليه من اختيار وإرادة، ومحاولته حل المشكلات والتعلم والتدرب، فضلا عن نشاطه الفكري وتحليقه في التصور الإيجابي والتخيل البناء، فهو يرسم في ذهنه صورة للواقع ويرسم صورة أخرى لواقع جديد يريد أن يحققه بفضل ما أفاءه الله عليه من نعمة العقل والإدراك، بحيث يكون تحركه من الواقع الملموس والصورة المأمولة تحرك إنجاز وفاعلية.
ولا حرج في الإسلام من بلوغ الإنسان شأواً بعيدا في مجال التنمية طالما يتقي الله ويعمل لمرضاته، وفي تلك الحدود الربانية لا قيود على حريته في البحث والعلم والتنمية، بل إنه مطالب بذلك، ومكلف بإعمار الأرض وتحسين أحوال معيشته، والحصول على طيبات الرزق، والعمل المتواصل من أجل رقيه وسعادته.
موقف الإسلام من الخمر والمخدرات:
والنشاط الفكري للأفراد والجماعات البشرية وكذلك قدراتها على التنظيم والبحث العلمي والعمل الاقتصادي والإنتاج الصناعي والزراعي وغيره، كله مرهون بسلامة العقل الإنساني من أي قصور أو فتور أو تخدير، فالإقبال على الحياة، والاحتكاك بالواقع لتغييره إلى الأفضل شيمة الإنسان المسلم السوي، فهو يعالج الواقع أو يتحاور معه بالعمل الجاد والخيال الإيجابي القائم على التصور الفعلي، أما الشخص السلبي فإنه يركن إلى الوهم والخيال، ويظن أن المخدر هو منقذه من مرارة الواقع مع أنه يسلمه إلى الخيال المريض.