والإسلام الذي يؤكد قيمة الإنسان الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض، لا يتضمن مفهوماً غريباً كمفهوم التخليص المسيحي اليهودي، لأن الإسلام يعتبر حياة الإنسان على الأرض شيئاً إيجابياً، وينظر إلى الأمام من أجل تحقيق الإرادة الإلهية في المستقبل، والسعادة الحقيقية، وإن أقرب تعبير إسلامي عن العمل الناجح والتنمية السليمة هو الفلاح، فالإسلام يتحدث عن الأمة الإسلامية النشطة البناءة المسئولة الفعالة في التاريخ والتي هي بحق خير أمة أخرجت للناس في سعيها وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.
ولقد عد الإسلام إذهاب العقل والتحذير من الكبائر التي يعاقب عليها بالحد الشرعي وذلك حفاظاً على كيان المجتمع البشري ونشاطه الفعال في خدمة التنمية والأهداف السامية للإنسان، وقد قصد الشارع الإسلامي بتعاليمه وتكاليفه وأحكامه المحافظة على الأمور الضرورية الخمسة للناس وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسل أو العرض، فكل ما يحفظ هذه الأمور الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأمور أو بعضها فهو مفسدة. لذا فقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم المسكرات والمخدرات، لما فيها من الأضرار الفادحة والمفاسد الكثيرة التي تتولد منها وتنشأ عنها بالنسبة للفرد والمجتمع.
ويستوي في نظر الإسلام كل مسكر، لآن المسكر في اللغة الخمر وكل ما يسكر ويذهب بالعقل من الخمرة وما فيها معناها كالحشيش والأفيون والمواد النفسية من العقاقير التي قذفت بها الحضارة الغريبة. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كل مسكر خمر وكل خمر حرام " رواه أحمد، وأبو داود، ومادة خمر - عند العرب - تدور في الأصل حول السّتر ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها ورأسها، ومنه خمروا آنيتكم أي غطوها [٢] .