للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والباذق: شراب كان معروفا عندهم وهو معرب من الفارسية، قال ابن الأثير: هو بفتح الذال، تعريب باذه، وهو اسم الخمر بالفارسية [١٢] .

ومعنى سبق محمد الباذق، أي سبق حكمه أو سبق قوله فيها وفي غيرها من جنسها، وبهذه الاعتبارات السابقة في معنى المسكرات فإن اسم الخمر يطلق على كل المسكرات، لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم أيضا، وإلى ذلك الإشارة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق:"كل مسكر خمر"كما روى عن النعمان بن بشير أنه عليه الصلاة والسلام قال:"إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا، وأنا أنهاكم عن كل مسكر مسكر" [١٣] .

هذا.. وإذا كان البعض ذهب إلى تخصيص الخمر بعصير مواد معينة كالتمر والعنب مثلا، وما عداهما فلا يحرم إلا القدر المسكر، فإن ما سبق من أدلة ونصوص يكفي بعضهم في الرد عليهم.

ولعل مما استدل به هؤلاء حديث"الخمر من هاتين الشجرتين، النخلة والعنبة" [١٤] لكن الحديث ليس على إطلاقه، وإنما هو مبنى على الغالب الموجود، أو الأهم الأكبر، كما في حديث"الحج عرفة"أي أهمه ومعظمه.

فليس في الحديث ما يشير إلى نفي الخمر من غيرهما قال القرطبي: "ثبت بالنقل الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه _ وحسبك به عالما باللسان والشرع _ خطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس: ألا إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، ثم قال: والخمر ما خامر العقل"وهذا بين ما يكون في معنى الخمر، يخطب به عمر بالمدينة على المنبر بمحضر جماعة من الصحابة، وهم أهل اللسان، ولم يفهموا من الخمر إلا ما ذكرناه، وإذا ثبت هذا بطل مذهب أبي حنيفة والكوفيين القائلين بأن الخمر لا تكون إلا من العنب وما كان من غيره لا يسمى خمرا ولا يتناوله اسم الخمر وإنما يسمى نبيذا [١٥] .