ولذا فإنه لو عمقت هذه الآثار ووعي البشر خبث المواد المسكرة والمخدرة بأسلوب علمي يعتمد على الحقائق العلمية والتجارب المعملية بعيدا عن المبالغات والزيادات لأدرك الناس قبحها، ووقفوا على خطرها وضررها فيبتعدوا عنها.. وينفروا منها..
لقد كره الإسلام أتباعه في الخمر وسائر المسكرات حتى ول كانت للتطبيب والعلاج..
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم:"إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بالمحرم"[٦٨] .
وفي السنن عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الداء الخبيث [٦٩] .
وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم [٧٠] .
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعو على من يتداوى بحرام كخمر فيقول:"من تداوى بحرام كخمر لم يجعل الله فيه شفاء"[٧١] .
إنه في الوقت الذي يعل فيه الجسم ويتمنى الإنسان الخروج من علته بأي سبب أو طريق ينهي الإسلام عن التطلع إلى الشفاء بحرام، سدا لذريعة تناول المحرم بكل وجه، وقفلا لهذا الباب أمام النفس لاسيما وأن النفوس قد تميل إلى الشيء الحرام رغبة في الشفاء مما يجعلها تتناوله بشهوة أو لذة، وهذا ضد مقصود الشرع ثم إنه داء كما نصت عليه الأحاديث فلا يجوز أن يتخذها دواء.
في صحيح مسلم عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال:"إنه ليس بدواء، ولكنه داء"[٧٢] .
وعن طارق بن سويد الحضرمي قال: قلت يا رسول الله إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها، قال: لا، قال: فراجعته قلت: إنا نستشفي للمريض، قال: إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء [٧٣] .
بل لقد ذهبت الشريعة أبعد من هذا.. حين نهت عن مجرد الاستعانة بالمسكر في بعض الأدوية.