أولا: يؤخذ من هاتين الآيتين أن المؤمنين مأمورون- في كشف تصرفاتهم- بطاعة الله تعالى بأن يتبعوا الأحكام المنزلة في كتابه الكريم، ومأمورون بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يتبعوا ما جاء في سنته المطهرة، ثم إنهم مأمورون أيضا باتباع أولي الأمر من المؤمنين مادام أولو الأمر يستمدون آرائهم وتوجيهاتهم وتصرفاتهم من الكتاب والسنة.
ثانيا: أن معنى أولي الأمر من المؤمنين يشمل أهل العلم والفقه في الدين وولاة المسلمين ما أطاعوا الله في الناس واتبعوا شريعته عن علم وورع.
وممن قال بأن المراد أهل العلم والفقه في الدين: جابر بن عبد الله ومجاهد وعطاء ومالك والضحاك وابن كيسان وغيرهم.
وممن قال بأن المراد بأولي الأمر الولاة أبو هريرة وعلماء آخرون [١] .
ثالثا: أن الأمر برد الأمور المتنازع فيها إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم هو أمر للمسلمين جميعا على مر العصور وليس أمرا خاصا بالمسلمين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فحسب، وهذا يعني مشروعية الاجتهاد العقلي لرد الأمور المختلف فيها والتي لا نص فيها إلى القرآن والسنة بمعنى أن يحكم فيها بما يتفق مع الأهداف التي قررها المصدران. وليس المقصود بالرد استخدام الأحكام المنصوصة، لأن الأحَكام المنصوصة قد سبق الأمر بتطبيقها في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول} وبعد تطبيق النصوص إذا واجه الناس أمر غير منصوص على حكمه وتنازعوا عليه فعليهم رده على النصوص بقياسه عليها والحكم عليه بما يتفق مع مبادئ وأهداف الشريعة وإذا فسرنا المأمور به بأن يتبع الناس الأحكام المنصوص عليها لكان هنالك تكرار في الآية الأولى، حيث أن الأمر بطاعة الله وَرسوله- كما أشرنا- هو أمر باتباع نصوص القرآن والسنة فلو كان الرد أيضا باتباع نصوص القرآن والسنة لا القياس عليها لكان الأمر مكررا بصورة لا تستقيم مع بيان القرآن الكريم [٢] .