للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويؤيد هذا المعنى ما جاء في الآية الثانية: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} والاستنباط هو استخراج الحكم وبيانه بعد أن لم يكن موجوداً، والنصوص عليه موجود أصلا ولا يحتاج إلى استنباط أما غير المنصوص فهو الذي يحتاج إلى الاستنباط والقياس على ما نص عليه.

رابعا: أن الاجتهاد العقلي في الأحكام الشرعية مقصور على العلماء (الذين يستنبطونه) فيجب أن لا يمارسه الذين يجهلون الشريعة، وقد شنع بنفسه من قال: إن رأي الشعب يكون أصلا، من أصول الشرع ولعلنا نعقد فصلا خاصا بهذه المسألة.

خامسا: أن هنالك صفات وشروطا خاصة يجب أن تتوفر في العلماء الذين يقومون باستنباط الأحكام. لذلك لم يقل القرآن الكريم (لعلمه العلماء) ولكن قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} وهذا يعني الذين يجوز لهم الاستنباط هم أصحاب علم دقيق بالشريعة، ولقد لخص علماء الأصول هذه الصفات والشروط الخاصة، وسنذكرها في مكانها إن شاء الله مبينين مواطن الإتفاق والاختلاف فيها.

فليس أمر الاجتهاد سهلا يخوضه من شاء من غير تسلح بأدواته ولا استعداد ببلوغ درجته. وإن كان الأمر في قوله تعالى (فردوه) شامل لكل المكَلفين إلا أن الرد لابد من أن يكون عن طريق العلماء الذين تتوفر فيهم المعرفة الكافية بالشرع وتفصيلاته ومبادئه وأهدافه. وقد بينت هذا المعنى بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما بين ذلك تطبيق الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.