للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهاتان الآيتان وما شابههما من آيات في القرآن الكريم تدل على وجوب اتباع الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا يكون ذلك إِلا باتباع ما جاء به من سنة، وتدل هذه الآيات أيضا على وجوب اتباع سبيل المؤمنين والذي فسّره كثير من العلماء بأنه طريق إجماع المسلمين. وإذا لم يسلم بعض العلماء هذا التفسير فإن السنة التي دل على وجوب اتباعها القرآن الكريم دلت على وجوب اتباع الإجماع فالرسول عليه السلام يقول: "أمتي لا تجتمع على الخطأ" ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "أمتي لا تجتمع على الضلالة"، ويقول: "من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة". وقد وردت أحاديث أخرى كثيرة موافقة لهذه الأحاديث في معناها توضح تعظيم الرسول (صلى الله عليه وسلم) لرأي جماعة المسلمين وتوجيهه للمسلمين بأن يلتزموا رأي إجماعهم وإجماع المسلمين هو إجماع علمائهم الذين يعرفون نصوص الشريعة ويفهمون مراميها. وهم الذين أشار إليهم القرآن الكريم في الآية المذكورة في الأسطر السابقة {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} .

وهذه الأحاديث الكثيرة ذات المعاني المتطابقة رواها جماعة من كبار الصحابة مثل: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وعبد الله ابن عمر، وحذيفة بن اليمان. وهي وإن كانت أخبار آحاد لكنها كانت مشهورة بين الصحابة رضوان الله عنهم معمولاً بها، لم ينكرها أحد. فحدث بها علم ضروري بأن أمة المسلمين لا تجتمع على ضلال.

ثم إن الصحابة رضي الله عنهم قد أجمعوا على اتباع الإجماع متى ما وجد وتحقق، حيث إن كبارهم أمثال أبي بكر وعمر كانوا لا يحيدون عما اجتمع عليه علماؤهم، أما قبل اجتماع علمائهم وانعقاد إجماعهم على حكم فلكل منهم أن يبدي رأيه وأن يتمسك به كما تمسك أبو بكر بقتال أهل الردة.