ودعت الصحيفة كذلك إلى ترك عادات الجاهلية، ورد الأمور إلى الله ورسوله والإلتزام بحكم الله ورسوله في كل أمر، امتثالاً لأمر الله سبحانه في قوله في سورة النساء:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} .
وهكذا قام المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة – التي أسست فيها دولة الإسلام- على أسس ثابتة من تقوى الله، ومن المبادئ القويمة التي جاء بها الإسلام في كتاب الله الكريم.
وفي قول الرسول وعمله، وكان لهذأ أثر واضح في طبيعة العمران وخصائصه في المدينة المنورة، وفي سائر المدن الإسلامية في عصور قوة المسلمين، والتزامهم بمبادئ دينهم الحق القويم.
وواضح أن خصائص العمران في ظل الإسلام، قد تغيرت تغيراً جوهرياً عن خصائصه قبل الإسلام، فقد جعل الإسلام المسلمين جميعا أمة واحدة يتساوى أفرادها في الحقوق والواجبات، وبذلك أصبح الإسلام يجب ما قبله، وصار الشعار والدثار لسائر المسلمين.
وكانت أمة الإسلام في المدينة المنورة أمة فاضلة، تراقب الله في أعمالها فلا تبدأ بالعدوان، بل تحب السلام، وتحمي الجار وتنصر المظلوم، وتلتزم بالعهد، وتفي بالوعد، وكانت تضم المسلمين وغير المسلمين الذين أدمجوا في الأمة بنص صريح في الصحيفة، وكان المسلمون بقيادة الرسول- صلى الله عليه وسلم- هم قلب هذه الأمة النابض بالحياة والحركة وكانت الأمة تزداد قوة، كلما أزداد الدين انتشاراً.