وكان من نتيجتها عقد أحلاف مع القبائل المجاورة، لتأمين المدينة من غارات البدو عليها ومنع أي غزو خارجي عنها، حتى تستقر الحياة والعمران فيها، فتقوى الجبهة الداخلية على صد أي هجوم يأتي من خارج المدينة وبخاصة من جانب قريش التي منعت السرايا مرور تجارتها في أراضي الدولة الإسلامية، وأَظهرت أن حدود الدولة محروسة كما أصلح الرسول في تلك الأثناء بين الأوس والخزرج حين دب النزاع بينهم بتحريض من اليهود، حتى يكون الإخاء والتماسك بين المسلمين عوناً لهم على الانتصار على أعدائهم في الدين.
وهكذا قام العمران في المدينة المنورة ثم في سائر المدن الإسلامية على مبادئ قويمة من الأخوة في الدين والسلام بين المقيمين داخل حدود دولة المسلمين، والضرب على أيدي الخائنين والمعتدين، ونشر الدين بالإقناع لا بالإكراه، والجهاد في سبيل الله للدفاع عن دينه الحق ولإعزاز أَمة الإسلام التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس حتى تواصل حمل نعمة الإسلام - التي أنعم الله بها عليها- لإيصالها إلى الحيارى الضالين من أفراد البشر في سائر أنحاء العالم، أداء لزكاة النعمة التي أنعم الله بها على هؤلاء المؤمنين.
خاتمة:
هذه دراسة سريعة موجزة لخصائص العمران في المدينة المنورة في عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي القاعدة الأولى لدولة الإسلام ومركز الإشعاع الذي انتشرت منه أَشعة شمس الإسلام إلى أرجاء العالم المختلفة فهدت شعوباً كثيرة إلى صراط الله المستقيم ودخل الناس في دين الله الحق على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم فنعموا بنعمة الإسلام، الذي لا يقبل من أَحد دين غيره لقوله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .
ونستطيع من هذه الدراسة أن نتبين أَبرز خصائص العمران في المدن الإسلامية على مر العصور وهي خمس خصائص: