للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} . هذه الآية يفهم منها أن الرسل لا يشهدون يوم القيامة، على أممهم وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أنهم يشهدون على أممهم كقوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} وقوله تعالى: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} . والجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: وهو اختيار ابن جرير وقال فيه ابن كثير: "لاشك أنه حسن"، أن المعنى لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا فلا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شئ فنحن وإن عرفنا من أجابنا فإنما نعرف الظواهر ولا علم لنا بالبواطن وأنت المطلع على السرائر وما تخفي الضمائر فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا علم.

الثاني: وبه قال مجاهد والسدي والحسن البصري كما نقله عنهم ابن كثير وغيره أنهم قالوا لا علم لنا لما اعتراهم من شدة هول يوم القيامة ثم زال ذلك عنهم فشهدوا على أممهم.

الثالث: وهو أضعفها أن معنى قوله: {ماذا أجبتم} ماذا عملوا بعدكم وما أحدثوا بعدكم؟ قالوا لا علم لنا ذكر ابن كثير وغيره هذا القول ولا يخفى بعده عن ظاهر القرآن.

قوله تعالى: {قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين} . هذه الآية الكريمة تدل على أن أشد الناس عذابا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة وقد جاء في بعض الآيات ما يوهم خلاف ذلك كقوله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} وقوله: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} . والجواب أن آية {أدخلوا آل فرعون} وآية {إن المنافقين} لا منافاة بينهما لأن كلا من آل فرعون والمنافقين في أسفل دركات النار في أشد العذاب وليس في الآيتين ما يدل على أن بعضهم أشد عذابا من الآخر وأما قوله: {فإني أعذبه} الآية فيجاب عنه من وجهين: