والجواب أن قوله تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} ناسخ لقوله: {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وزيد بن اسلم وعطاء الخراساني وغير واحد قاله ابن كثير. وقيل معنى {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي إذا حكمت بينهم فاحكم بما أنزل الله لا باتباع الهوى، وعليه فالأولى محكمة والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى:{أو آخران من غيركم} الآية: هذه الآية تدل على قبول شهادة الكفار على الوصية في السفر وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك كقوله: {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون} وقوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون} ، أي فالكافرون أحرى برد شهادتهم وقوله:{وأشهدوا ذوي عدل منكم} ، وقوله:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء..} الآية والجواب عن هذا على قول من لا يقبل شهادة الكافرين على الإيصاء في السفر أنه يقول إن قوله: {أو آخران من غيركم} منسوخ بآيات اشتراط العدالة والذي يقول بقبول شهادتهما يقول هي محكمة مخصصة لعموم غيرها وهذا الخلاف معروف ووجه الجواب على كلا القولين ظاهر وأما على قول من قال أن معنى قوله: {ذوا عدل منكم} أي من قبيلة الموصي وقوله: {أو آخران من غيركم} أي من غير قبيلة الموصي من سائر المسلمين، فلا إشكال في الآية ولكن جمهور العلماء على أن قوله {من غيركم} أي من غير المسلمين وأن قوله {منكم} أي من المسلمين وعليه فالجواب ما تقدم والعلم عند الله تعالى.