ونقرأ شروط النابلسي في ناظر ديوان الإنشاء نثراً وشعراً إذ يقول:"يشترط أن يكون الناظر فيه مضطلعاً من العلوم لاسيما الأدب، له قدرة على صعود ذروتي النظم والنثر بل على ارتقاء درج البلاغة، إلى طبقة حل المنظوم ونظم المنثور والإستشهاد بما يحتاج إليه من الكتاب العزيز بآيات في المعنى الذي رسم له.
وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وسير الخلفاء وأخبار الملوك، وتواريخ العجم، وأيام العرب، ووقائعها وأمثالها، إلى غير ذلك من الفنون التي يطول شرحها ووصفها، وهو باب متسع، وعر المسلك، عزيز الوجود جداً".
والظاهر أن وظيفة رئيس ديوان الإنشاء، وما ينبغي أن يكون حاصلاً عنده من العلوم والمعارف والأخلاق، قد حظيت بعناية كبيرة في العصر الفاطمي، وقد دون ابن منجب الصيرفي ذلك في كتابه قانون ديوان الرسائل، ولما كان كتاب الدواوين في العصر الأيوبي قد أشاروا إلى هذه الوظيفة في كلمات مقتضبة، إلا أنها تدل على خطورة مكانة صاحبها، وأهمية الدور الذي يؤديه في الجهاز الحكومي للدولة الأيوبية، فقد رأينا أن نذكر الشروط الأساسية الواجب توافرها في رئيس ديوان الإنشاء التي تعتبر من وجهة نظرنا قواعد عامة سارت عليها الدولة الأيوبية فيمن يتولون العمل بهذا الديوان، خاصة وأن القاضي الفاضل وزير السلطان صلاح الدين ورئيس ديوان الإنشاء في عصره، تربى في الدولة الفاطمية، وتولى رئاسة الديوان في أيام العاضد آخر خلفائها، واستمر في عمله حنى نهاية عمره في عهد الدولة الأيوبية.