أما القاعدة الثالثة: فهي الجدال بالتي هي أحسن فيبتعد الداعية عن الأقوال الشنيعة والألفاظ البشعة، بل يستدل بالفعل عندما ينفع الاستدلال بالفعل وبالنقل عندما يرى الاستدلال بالنقل، ويلفت نظر المدعوين إلى آيات الله الكونية ويحرص أشد الحرص على الخصم بإقراره، وإلى ذلك كله يشير الله تبارك وتعالى إذ يقول:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
ومن أعظم قواعد الدعوة الشاملة للقواعد الثلاث المتقدمة أن يكون الداعي على بصيرة، وبصيرة الداعية تسلك به أحسن السبل وتهديه أقوم الطرق.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في حسن الدعوة إلى الله عز وجل قولا وعملا وسلوكا، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث داعيا أمره بأحسن طرقها. فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا"كما روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا"