وترجيح الاستئناف عند العكبري، والحكم بالعطف على جملة ألم أقل عند أبي السعود، كلاهما يقتضي أن ما {مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} غير داخل تحت عموم غيب السماوات والأرض وغير محكي بألم أقل لكم، ولا أدري لم ذهبا هذا المذهب مع أنه يخالف ما يبدر إلى الذهن من معنى، وما يدل عليه سياق اللفظ والأسلوب، ويخالف أيضا ما ذهب إليه جمهور المفسرين.
أما الشيء الثاني فقد جاء في تفسير الجلالين [٣] : "قال تعالى موبخا {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ".أهـ.
أبان جلال الدين السيوطي بكلامه هذا أن الاستفهام في {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} للتوبيخ، توبيخ الملائكة الذين قال الله تعالى فيهم {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}(٢٦ الأنبياء){وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(٤٩، ٥٠) النحل {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّين}(١٧٧- البقرة) .
لقد نسى السيوطي حين أبان معنى هذا الاستفهام أن هؤلاء الملائكة الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم مكرمون وأنهم لا يستكبرون، وأنهم يفعلون ما يؤمرون، وأن الإيمان بهم بر، وأن الكفر بهم ضلال بعيد، نسي أنهم أكرم على الله سبحانه وتعالى من أن يوبخهم.