ومعنى قوله تعالى {مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} هو ما كانوا يضمرونه في أنفسهم من أن الله سبحانه وتعالى لن يخلق أعلم منهم وأكرم.
ومجيء {تَكْتُمُونَ} خبرا لكان يدل على أن الكتمان قد وقع فيما مضى ثم انتهى أمره، فقد هجس في أنفس الملائكة شيء لم يظهر بعضهم بعضا عليه وربما كان ذلك ظنهم أنهم أعلم الخلق وأكرمهم على الله، فلما عجزوا عن الإنباء بتلك الأسماء وأنبأهم بها آدم تلاشي ذلك الظن وانقضى عمره.
وللعلماء في تفسير {مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} آراء أخرى أقربها أن يحمل اللفظ على ظاهره فيكون عاما فيما أبدوه وما كتموه من أمروهم كلها.
وأعيد ذكر الفعل (وأعلم) في قوله تعالى {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} مع أن معموله وهو اسم الموصول (ما) مندرج تحت ما قبله، أعيد اهتماماً بشأن هذا المعمول، ولبيان أنه جدير بأن يفرد بجملة مستقلة.
أختي العزيزة هل
أحب أن أنبهك على شيئين قبل أن أنتقل بك إلى الآية الثانية:
الأول: قال العكبري في كتابه (إملاء ما من به الرحمن)[١]" {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} مستأنف وليس وليس بمحكي بقوله {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} ويجوز أن يكون محكياً أيضا". أ. هـ.
وقال أبو السعود في تفسيره [٢] : " {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} عطف على جملة ألم أقل لكم لا على أعلم إذ هو غير داخل تحت القول". أ. هـ.