تتضمن هذه الآيات الكريمة قصة آدم في الجنة وخروجه منها:
فقد أنعم الله على آدم وزوجه أن يسكنا الجنة وأباح لهما أن يأكلا من ثمار أشجارها وأن يتمتعا بنعيمها ولم يحظر عليها مكانا من أماكنها، ولم يحرم عليهما ثمراً من ثمارها إلا شجرة كانت على مقربة منهما عينها الله تعالى بقوله:{وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} وهذا يعني ألا يأكلا منها أيضا، فإن اقتربا وأكلا فالظلم والخسران، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه.
ويبدو أن الشيطان قد أعجل آدم وزوجه عن أن يذوقا شيئا من ثمار الجنة، وأن يتمتعا بشيء من نعيمها، فبادر يحاور ويوسوس ليسوءهما بكشف عوراتهما، وليحط من مرتبتهما بمخالفتهما ما نهاهما الله عنه، وفال لهما مانهاكما ربكما عن الاقتراب من هذه الشجرة والأكل منها إلا من أجل أن يحول بينكما وبين أن تكونا ملكين، أو تكونا من الذين يسكنون الجنة خالدين فيها لا يموتون.
وعاد الشيطان يعزز وسوسته ويؤكد مقالته فأقسم إنه لهما لمن الناصحين.
واستطاع الشيطان بهذا الإغراء والغرور والخداع أن ينزلهما من مرتبة عالية ومقام حميد، فيقربا الحجرة ويأكلا منها، فلمَّا ذاقاها ووجدا طعمها، تطايرت عنهما ملابس الجنة وظهرت لهما عوراتهما، فجعلا يلصقان عليهما من ورق الجنة يستران تلك العورات، فناداهما الله سبحانه وتعالى:{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} ، فاعترفا بأنهما قد خالفا نهيه تعالى وكانا من الظالمين لأنفسهما وطلبا منه تعالى أن يغفر لهما وأن يرحمهما وإلا كانا من الخاسرين، {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} .