قوله تعالى في الآية الثانية والعشرين المتقدمة:{وَأَقُلْ لَكُمَا} عطف على {أَنْهَكُمَا} في قوله تعالى: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} فهو داخل في حيز الاستفهام والنفي اللذين تدل عليهما {أَلَمْ} ، والتقدير وألم أقل لكما..
والاستفهام في قوله تعالى:{أَلَمْ أَنْهَكُمَا} وقوله تعالى: {وَأَقُلْ لَكُمَا} معناه العتاب على ما صدر منهما والتنبيه على موضع الغفلة، فقد قال تعالى لهما:{وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} . (١٩- الأعراف) . فخالفا النهي وقرباها وذاقاها، وقال تعالى يحذرهما من الشيطان:{إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِك} . (١١٧- طه) ، فاغترا بقول الشيطان وقبلا ما عرض عليهما حين قاسمهما إني لكما لمن الناصحين.
أختي العزيزة: هل:
قال الزمخشري في تفسيره الكشاف [٤] :" {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} عتاب من الله تعالى وتوبيخ وتنبيه على الخطأ حيث لم يحذرا ما حذرهما الله من عداوة إبليس" أ. هـ.
وقال أبو السعود في تفسيره [٥] :" {وَأَقُلْ لَكُمَا} عطف على أنهكما أي ألم أقل لكما {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} وهذا عتاب وتوبيخ على الاغترار بقول العدو"أهـ.
ما ذهب إليه الزمخشري وأبو السعود من أن الاستفهام للتوبيخ توبيخ آدم عليه السلام بعيد عن الحق فيما أحسب وأرى، وما كان ينبغي أن يقال.
فآدم عليه السلام نبي مكلّم، وقد فضله الله على الملائكة، فعلمه الأسماء كلها على حين جهلوها، وأمرهم بالسجود له فسجدوا، فهو أكرم على الله من أن يوبخ.
الآية الثالثة من الآيات التي وردت فيها صيغة (ألم أقل) قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} . الآية (٩٦) من سورة يوسف.
الاستفهام هنا للتذكير، تذكير يعقوب أبناءه بما كان قد قاله لهم من قبل: