هذه السورة، أيها الإخوة الصالحون مفتتحة بكلمة: يسألونك عن الأنفال، وهي جملة متضمنة لسؤال وجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص ملكية غنائم بدر، واستحقاقها: أهي للشبيبة أم للشيوخ؟ للأنصار هي أم للمهاجرين؟ حيث وقع النزاع، ذلك كما سيذكر بعد. وهذا السؤال الذي تضمنته هذه الجملة في قائمة هذه السورة ليس هو الأول ولا الأخير، مما كان يوجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من أسئلة مختلفة يحكيها الله سبحانه وتعالى بلفظ يسألونك عن كذا.... ويلقن رسوله صلى الله عليه وسلم الإجابة عنها. وأعظم هذه الأسئلة كان يوجه من المؤمنين طلباً لشرح حكم، أو تفسيراً لإجمال، أو كشفاً لشبهة وذلك كسؤالهم عن القتال في الشهر الحرام، وعما ينفقون من أموالهم، وعلى من ينفقون، وعن حكم الخمر والميسر، وحكم خلط أموالهم بأموال يتاماهم، وعن مخالطة الحائض أيام حيضها إلى غير ذلك من التساؤلات والاستفسارات التي كان يتطلبها واقع المسلمين وهم في كل يوم يتلقون الجديد والمزيد من الأحكام والتشريع تكميلاً لهم وإعداداً للخلافة في الأرض والوصاية على البشر وقيادتهم.
كما كانت بعض الأسئلة توجه من المشركين تكذيباً لمضمونها، أو استبعاداً لوقوعه كسؤالهم عن الساعة، وعن موعد العذاب الموعدين به. كما كان البعض الآخر يوجه من اليهود تحدياً للرسول وتعجيزاً له، أو كشفاً عن حقيقة دعواه النبوة، ومدى صدقه فيها وذلك كسؤالهم إياه - فداه أبي وأمي - عن الروح، وأصحاب الكهف، وذي القرنين، وعن قرى أهل الجنة: أول طعام يقدم لهم عند دخولهم الجنة. وعما يكسب الولد شبهاً بأمه، أو أبية، إلى غير ذلك من الأسئلة المعروفة في الكتاب الكريم، والمعلومة في السنة الشريفة.