وكون الحق تبارك وتعالى يتولى الإجابة عن رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأسئلة وفي غيرها تبياناً للأحكام، وإنارة الطريق، وإدحضا للباطل، ودفعاً للشبهات هو تحقيق ولايته تعالى لأوليائه. ومصداق قوله:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور} .
إنه ما عرضت شبهة لولي من الأولياء، ولا لنبي من الأنبياء إلا وأزالها الله ولي المؤمنين من قلوب أوليائه، وأحل محلها نور المعرفة واليقين. ولا عورضت دعوة الحق بحجة باطلة، أو طريقة ماكرة إلا ودحض الله حجة المبطلين، وأحبط كيد الماكرين. يشهد لهذا ما ذكر برهاناً على كونه تعالى يخرج أولياءه من الظلمات إلى النور وذلك في مواقف ثلاثة:
أولها: موقف إبراهيم ولي الرحمن، مع النمرود ولي الشيطان حيث حاج الثاني بباطله إبراهيم في حقه، فدحض الله الباطل بالحق فزهق، وبهت الذي كفر. وأخرج إبراهيم من ظلمة الباطل إلى نور الحق، وهو ظافر منتصر. وثانيها موقف النبي أو الولي الذي مر بقرية وهي خاوية على عروشها؛ متهدمة البنيان خالية من السكان، فغين على قلبه ما قال معه:{أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} ؟ فأخرجه الله من تلك الظلمة التي عرضت لقلبه بأن أماته ثم أحياه، وأراه من آيات قدرته ما أشبعه يقيناً ورواه، وهكذا جميل الله تعالى الولي مع من يتولاه.