وبهذا تنتهي قصة أصحاب الجنة وقد تبين فيها معنى الاستفهام، تبين أن معناه التأنيب والتوبيخ، التوبيخ على تركهم ما كان حضهم عليه أوسطهم من قبل من ذكر الله تعالى وتنزيهه.
وإعراب هذه الصيغة (ألم أقل) سهل واضح لا يحتاج إلى بيان.
أختي العزيزة هل:
بقي في هذه الرسالة أن أحدثك عن الصيغة الرابعة عشرة وهي الصيغة التي دخلت فيها على لم النافية الجازمة لمضارع (جعل) ، وقد وردت هذه الصيغة في أربع آيات من آيات القرآن الكريم:
الآية الأولى وردت في قوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً. أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً. وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاًً. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} . الآيات (٢٥- ٢٨) من سورة المرسلات.
والهمزة في {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً. أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} . تفيد التقرير والتوبيخ: التقرير على معنى الإخبار، أي قد جعلنا الأرض تجمع الأحياء على ظهرها، وتضم الأموات في بطنها.
وتفيد التوبيخ أيضاً توبيخ المكذبين على تكذيبهم بالبعث وعلى كفرهم بعذاب يوم القيامة مع أن قدرة الله تعالى على خلق هذه المخلوقات تدل دلالة واضحة على قدرته أن يعيد خلقهم مرة ثانية، وأن يبعثهم من قبورهم ليوم الحساب.
و (نجعل) في قوله تعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً} بمعنى نصيّر، فالفعل قد تعدى إلى مفعولين:(الأرض) مفعول أول، و (كفاتاً) مفعوله ثان.
و (كفاتاً) اسم للموضع يكفت فيه الشيء أي يضم ويجمع، فلا يعمل فيما بعده، و (أحياء) و (أمواتاً) منصوبان على المفعولية بفعل محذوف يدل عليه (كفاتاً) ، والتقدير يكفت أحياء وأمواتاً.
ويجوز أن يكون (كفاتاً) مصدراً، فأحياءً وأمواتاً منصوبان به على المفعولية.
الآية الثانية التي وردت فيها هذه الصيغة جاءت في قوله تعالى: