للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إياك وإياك أَن تخوض في صفات الله بالتأويل والتحريف أو بالتشبيه والتجسيم، بل تثبتها على ضوء الآية السابقة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} وقوله {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} لأن الصفات كلها من باب واحد ولا يجوز التصرف في صفات الله بالعقل المحض على خلاف النصوص بإثبات بعضها وتأويل البعض الآخر كما فعلت الأشاعرة الكلابية، حيث أثبتوا صفات الذات كالقدرة والإرادة، والسمع والبصر وغيرها، أثبتوها على ما يليق بالله دون تشبيه أو تجسيم ودون تحريف أو تعطيل ولكنهم ادعوا وجوب تأويل صفات الأفعال، كالمجيء والنزول، بدعوى أن إثباتها على ظواهرها يؤدي إلى التجسيم وهذا جهل يتوارثونه، فيقال لهم: كيف أثبتم السمع والبصر على ظواهرها أم على باطنهما؟ فيكون الجواب الصحيح: على ظاهرهما ولكن الظاهر الذي يليق بالله لا على الظاهر الذي يليق بالمخلوق، فيقال لهم: الكلام في بض الصفات كالكلام في البعض الآخر يحتذي حذوه، فنحن نثبت لله الصفات السمعية من اليد وغيرها على ظاهرها الظاهر، الذي يليق بالله لا على أساس أَنها جوارح أو أَعضاء، لأن إيماننا بالله سبحانه إيمان إثبات وتسليم وكذلك يجب أن يكون إيماننا بصفات الله إيمان إثبات للصفات قبل الخوض فيها بالتحريف أَو بالتأويل أو بالتشبيه بل نسلم لله فيما أَثبته لنفسه ولا ننازعه، ونسلم لرسوله الأمين فيما أثبته لربه سبحانه ولا ننازعه ولا نزيد عليه، إذ سبق أن قررنا أنه لا يصف الله أعلم بالله من الله ولا يصفه من خلقه أعلم بالله من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وبعد:

أكتفي بهذا المقدار من هديتي التي وعدتك بها أيها الأخ المسلم لأن خير الكلام ما قل ودل كما يقولون، ثم أحب أن ألفت نظرك إلى الأمور الآتية: